الفرق بين مدريد وباريس

الفرق بين مدريد وباريس
المؤلف A
تاريخ النشر
آخر تحديث

 .الفرق بين المنازل التاريخية والفنادق ..الفرق بين مدريد وباريس ..الفرق بين (بن زيما) و(بن الآنسة انتصار بفلوسي )


بقلم/محمد الوشلي



باريس دفع ثمن منظومة اقرب لطبق حلويات مليء بالذباب . من بعيد يبدو أنهم فريق نجوم . وهذا غير صحيح . في خط الدفاع يمكن اعتبار ماركينيوس مدافعا جيدا ويصبح ممتازا بسبب إضافاته الهجومية . كمبابي مجرد رجل مرتبك ولا يحب الحياة تحت الضغط ..رجل البارات المكتئب . مينيديز ظهير لا يفعل أي شيء سوى الوقوع في التسلل . لا يتقن الدخول في العمق . لا يتقن الكرات العرضية .لا يتقن الأدوار الدفاعية .لكن يستطيع عمل كوبري لأمه في المطبخ . حكيمي كان تائه وخارج المباراة منذ الدقيقة الأولى . بسبب التدوير البطيء للباريس وكأنهم جاؤوا للسياحة تعطلت الأدوار الاسنادية الروتينية وأصبحت ذات طابع الري اكت ..ردة فعل فقط  .

 الوسط مجموعة من الفكاكين بدون مواهب لدفع اللعب إلى الأمام باستثناء فيراتي .والذي يعاني من نفس معضلة ميسي .أي حاجته الدائمة للاعب اسناد قريب كي يمارس التقدم عبر تكتيك متر باي متر . خطوة خطوة بالعربي ..الزميل القريب دائما .

 انما بوكتينيو بدأ باستريتش افقي للملعب ..كان ميسي المهاجم الوهمي بدون أي اسنادات واضطر كثيرا للخروج لمنتصف الملعب والحمد لله أنه لم يعد للبيت يائسا من هذه المنظومة . 

عادة حكيمي هو رفيقه حين ينقل اللعب للجهة اليمنى .وهذه معضلة أيضا .. فميسي يحب أن يسند له باتجاه الداخل وليس للخارج .لذلك مع اسناد حكيمي -لو جاء أصلا-  فميسي لن يجد نفسه سوى في طرف الملعب لإرسال عرضية لرأس حربة يجلس أساسا في الدكة وهو ايكاردي . ميسي ليسطع  يحتاج لإسناد يوجه حركته للداخل ..لوجه وبطن القدم اليسرى ..وهذا النوع من الإسناد لا يفعله سوى مهاجم يتحرك كمنصة اسناد قريبة للاعب رقم عشرة .   أو في اسوء الأحوال أن يقوم لاعب جناح بالكسر باتجاه العمق كما يفعل نيمار أحيانا وتشكيل ثنائية مؤقتة .

هذا كله لم يحدث ..ميسي كان الرجل الوحيد الذي يحاول في هذا العمر أن يدفع المنظومة وحده لأربعين مترا للأمام .من الطبيعي أن يفشل .

 نيمار لعب بنمط اللحظات . رجل لحظي وإن كان بارعا ..وأيضا لا يقوم بأي أدوار دفاعية حتى لو هددته باختطاف اخته .

 امبابي كان الورقة المخيفة فقط ..هجوميا ..بأسلوب الفرار المعهود .

في الجانب الآخر ..

انشيلوتي كعادته ..حتى وهو يعلم أنه يحتاج لبعض التغيير منذ البداية خارج ما اعتاد عليه  ..إلا أنه لم يفعلها يوما ..فهو ليس مدربا انقلابيا ، هو حذر ..جبان ..وهذا ليس عيبا أحيانا . 

 يفضل دائما أن يبدأ بالتشكيلة الاعتيادية  ، ربما يعطي أوامر وظيفية مختلفة فقط لبعض اللاعبين .

 البعض قال أن معركة الافتكاك تحتاج أن لا يبدأ بكروز . البدء بفالفيردي وكامفينجا ومودريتش ورودريجو  .

لكن انشيلوتي يحب الركض في النهاية ..حين يصبح للركض معنى . حين تاتي الفرصة ..لأنه لو بدأ بهؤلاء وفشل .. جاءت لحظة تحول ولا يكون معه ورقة في الدكة ليستغلها ..سيشنق نفسه من الندم ..او يشنق ولده .

 انشيلوتي مدرب بخبرة ثلاثين سنة ..لا يهزمك بالتكتيك ..بل بهفواتك .

لذا بدأ بكروز . وكمساندة فقد بدأ مع اسينسيو الذي ليس جناحا بالكامل بقدر ماهو لاعب بروزر (شمولي وبمهام معينة ) ، لن يكون جناحا بل لاعب تكتل في المنطقة اليمنى .  بمعنى ستكون ٤ ٤ ٢  حتى في الرسم الورقي قبل الوظيفي .

باريس لعب بدون أي ميكانيزمات حادة ، افتقد للاستمرارية ، وبعد تسجيل الهدف ، أصبح يمرر الكثير من الكرات الدفاعية والأفقية . 

 سجل هدفا ..وبدا أن الحكاية انتهت . وبأمانة انشيلوتي يتحمل الهدف باختياره الضغط بخط دفاع متقدم منذ البداية ..انما وكأنه يقول  أكون أو لا أكون . قد يحدث شيء ما مفاجئ للجميع .

وهو ما حدث ..

دوناروما يخفق أمام ضغط عالي ..لا لا ..أمام ضغط ثقته المهولة بنفسه ..ليست هذه اول مرة يتأخر لآخر ثانية كي يتعامل مع الكرة ..فعلها لعشرات المرات مع المنتخب الإيطالي وميلان ..انما الآن دفع الثمن . يا رجل تخلص منها مثل حارس فتح ذمار ..انسى لثانية مصطلح الخروج النظيف بالكرة الذي اخترعه اريغو ساكي . ها انت خرجت من البطولة خروج وسخ .

تك تك ..ابتسمت في مكاني ..باريس إن لم يقم بوكي بتغييراته الآن سيسقط ..قلت ليفعلها ..ميسي آوت ..فينالدوم ان ..نيمار آوت واجاي ان ..والانتظار بورقتي دي ماريا وايكاردي . 

هذا لم يحدث ..العرق الباريسي البارد بدأ بالتصبب ..  الفريق في الملعب  لم يتجاوب مع شعوره بارتفاع النسق ..ليست مسألة فنية ..بل حول الثبات الذهني ..فقط الأقدام التي لم تتجول عبر التاريخ تخيفها الزلازل الصغيرة . 

اشتمها انشيلوتي ..اخرج اسينسيو اللاعب البروزر ..وادخل رودريغو الجناح الصريح  . اخرج كروز وادخل كامفينغا وتحولت الخطة لتلك الشبيهة بخطة ليفربول أو فلنقل باستذئاب ليفربول حين يدفعون المنافس للخلف ..ثلاثي سريع في المنتصف ..ثلاثي في المقدمة ..الريال يضغط بالغرينتا والروح ..خرج كروز الألماني وحلت بدلا منه منظومة ضغط المانية اربكت باريس ..قادته للخطأ تلو الخطأ ..جعلته يتعثر في السباق ..جعلته يقدم المباراة في طبق من ذهب للريال مدريد .

ريال مدريد فاز لأنه تحول في جزء من الثانية من الفريسة إلى الصياد..

هذه هي خبرة المواعيد الكبرى ..ثقل الفنيلية البيضاء على أقدام المنافسين حين يأتون بدون هوية . لا فخر يدفعهم ولا مجد يهمهم ولا عار قد يصيبهم . اسماؤهم اكبر من اسم ناديهم ..وأحلامهم أهم .الفتيات أهم عند نيمار ..وكأس العالم هو حلم  ميسي الأخير ..اما امبابي فهو يلعب أمام حلمه ..الريال . 

باريس بالنسبة لهم لا شيء ..مجرد جسر ذهبي للعبور ..حطب لتدفئة أقدامهم ..فندق للنوم فيه وليس منزلا للدفاع عنه .

أخيرا  ..

لم يكن أهم درس لباريس هو الهزيمة .

 بل رؤيته لابناءه وهم يتجولون بدون روح ..وكأنهم لا يعترفون به أبا وملهما ..لا يستحق قطرة عرق أو دم او بول .

بينما بن زيما العجوز حاملا رمحه  ..بقلبه الشجاع حتى النهاية ..يركض ..يعض ..ويقتل ..ويصيح ..هذا هو الريال أيها الأوغاد .

بن زيما كان درس باريس الأقسى .

بن زيما ..آخر  العباقرة المحترمين ..خادم البلاط ..وملكه الوحيد .

تعليقات

عدد التعليقات : 0